[ أغسطس 2, 2022 بواسطة Samar Ibrahim 0 تعليقات ]

الغزو العراقي للكويت.. محنة وملحمة

 المصدر: الراي – الصباح

التاريخ : 2022/7/30

 

لم تشهد ذاكرة التاريخ الإنساني حالة من الإجماع منقطع النظير مثلما تعاطت دول العالم الحرة مع الغزو العراقي الغاشم للكويت في الثاني من أغسطس 1990 إذ دانت تلك الجريمة النكراء التي قام بها محتل غادر تسلل في جنح الليل محاولا طمس هوية دولة وتاريخها ونهب ثرواتها ومقدراتها.

وشكل ذلك اليوم المشؤوم الذي تحل ذكراه 32 اليوم الثلاثاء محنة وملحمة أكدا صلابة الإرادة السياسية الكويتية مدفوعة بظهير شعبي ليضربا معا أروع الأمثلة في التعاضد من أجل دحر العدوان ونصرة الشرعية وإرجاع الدولة التي أراد النظام البائد الغاشم ضمها إلى دولته.
ولم تتوان قيادة الكويت حينها وعلى رأسها الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد وولي عهده رئيس مجلس الوزراء الشيخ سعد العبدالله برفقة الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد الذي كان حينها نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية – طيب الله ثراهم – في حشد التأييد الدولي والعربي للقضية الكويتية واتخاذ الإجراءات الكفيلة بتحرير البلاد.

وسجل الأشقاء الخليجيون ومن معظم الدول العربية والأصدقاء في العالم صفحة ناصعة البياض ستظل أبد الدهر محفورة في ذاكرة التاريخ الإنساني شاهدة على تباري القوى العالمية لنصرة الشرعية الكويتية ودعمها في وجه المحتل أثمر تحالفا دوليا قوامه أكثر من 30 دولة انخرطت في حرب تحرير الكويت حتى تقهقر المحتل صاغرا موسوما بعار انتهاك عرى الأخوة والجيرة.
وانطلاقا من نصرة الحق والوقوف في وجه قوى الظلام أعلنت معظم الدول العربية تأييدها التدخل العسكري لايقاف آلة الحرب العراقية وإرغامها على الانسحاب ليصدح صوت العرب بقيادة المملكة العربية السعودية ومعها شقيقاتها دول مجلس التعاون الخليجي ومصر وسورية ولبنان وغيرها لدعم الحق الكويتي وتوسيع دائرة الإدانة الدولية للغزو ورفض كل ما يترتب عليه من نتائج وإعادة الشرعية الكويتية.

ولاشك بادر أعضاء مجلس التعاون الخليجي منذ الساعات الأولى من هذه الجريمة البشعة بالتحرك انطلاقا من الإيمان الراسخ بأن أي اعتداء على أي دولة عضو هو اعتداء على جميع دول المجلس.
ومثلت دول التعاون نواة التحرك السياسي والدبلوماسي الرافض للعدوان ونتائجه والمطالب بالانسحاب العراقي من الأراضي الكويتية بلا شروط حيث عقد وزراء خارجيتها اجتماعا طارئا بالقاهرة في 3 أغسطس 1990 على هامش اجتماعات مجلس الجامعة العربية.

وفي اليوم نفسه عقد مجلس الأمن الدولي جلسة طارئة بناء على طلب عدد من الدول أصدر في ختامها قراره الشهير (660) ودان فيه الغزو العراقي الغاشم للكويت داعيا إلى انسحاب العراق فورا ودون قيد أو شرط من الأراضي الكويتية وعودة الشرعية إلى الكويت.ونجحت جهود دول مجلس التعاون في عقد القمة العربية الطارئة بالقاهرة بتاريخ 10 أغسطس 1990 بعد اجتماعي وزراء الخارجية العرب ووزراء خارجية منظمة المؤتمر الإسلامي يومي 3 و4 من الشهر نفسه أيضا.
وحينها أيضا أعلنت الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي تنديدهما بالغزو وطالبا العراق بسحب قواته فورا من الكويت كذلك أصدرت الدورة التاسعة عشرة لوزراء خارجية الدول الإسلامية خلال انعقادها بالقاهرة بيانا طالبت فيه بانسحاب القوات العراقية من الأراضي الكويتية في حين أجمع سفراء مجموعة دول عدم الانحياز خلال اجتماعهم في نيويورك على إدانة الغزو ومطالبة العراق بالانسحاب الفوري.

واستدعت التطورات فتح الباب أمام الدول المحبة للسلام لإرسال قوات إلى المنطقة وعلى الفور جرت اتصالات بين مختلف العواصم العالمية لحشد تحالف دولي خصوصا بعدما أصدر مجلس الأمن الدولي قرارا ثالثا بشأن احتلال الكويت هو القرار 662 أكدت فيه الأمم المتحدة رفضها القاطع لقرار العراق بضم الكويت واعتبرته باطلا وملغى وطالب القرار جميع الدول والمنظمات الدولية والوكالات المتخصصة بعدم الاعتراف بذلك الضم.
في موازاة ذلك برز الدور البطولي للأخوة الخليجيين في دعم واحتضان الكويتيين والعمل سياسيا وعسكريا وغيره لعودة الحق الكويتي إلى أهله فعلى الجانب العسكري عقد رؤساء أركان دول مجلس التعاون الخليجي اجتماعا لهم في الرياض في 11 أغسطس 1990 لإقرار خطط موحدة للقوات المسلحة الخليجية في مواجهة التطورات المحتملة والتنسيق بشأن استقبال القوات الشقيقة والصديقة.

وفي 24 فبراير 1991 بدأت قوات التحالف الدولي هجومها البري على القوات العراقية في الكويت وقامت القوات المؤلفة من 30 دولة معززة بأحدث الآلات بمهاجمة القوات العراقية وتدميرها في الأراضي الكويتية وسرعان ما انهار الجيش العراقي تحت وطأة ضربات القوات الدولية باتجاه مدينة الكويت التي عادت إلى أهلها حرة أبية في 26 فبراير 1991 بعد 210 أيام من الاحتلال.
وفي رحاب هذه الذكرى يستذكر الكويتيون المواقف الخليجية والعربية الشقيقة والدولية الصديقة وفي مقدمتها خادم الحرمين الشريفين الملك الراحل فهد بن عبدالعزيز آل سعود الذي فتح قلبه وأرضه بكل الحب لاحتضان قيادة الكويت الشرعية وشعبها ودافع عن الحق الكويتي بالمال والسلاح وكأنه يدافع عن بلده.