تاريخ : 1- 8-2019
المصدر : الأنباء
أكدت الوكيل بالديوان الأميري مدير عام مكتب الشهيد فاطمة الأمير أن الغزو العراقي على أرض الكويت في الثاني من أغسطس العام 1990 ذكرى لا تنسى، وأنه اختبار في غاية الصعوبة لإرادة الشعب الكويتي وقوته وصموده، وأن التاريخ شهد ذلك اليوم ميلادا مشرقا لشعب أذهل العالم بقوة عزيمته، واستبساله بالدفاع عن أرضه وكرامته، وهو الذي أخذ على حين غرة عندما وجد نفسه أمام جيش متخم بأحدث آلات الموت والدمار.
وأضافت الأمير في تصريح بمناسبة الذكرى التاسعة والعشرين للغزو العراقي الغاشم أن تصدي الشعب الكويتي للعدوان شكل مرحلة فريدة في مسيرة هذا الوطن وكفاح أبنائه، إلا أن التاريخ يخبرنا بأن ذلك الحدث لم يكن إلا صفحة من صفحات مشرقة لهذا الشعب، وأنه يزخر بأمثلة رائعة تكشف عن عمق القيم في وجدان وتفكير المواطن الكويتي، وان ما بناه الكويتيون للأسوار الثلاثة لبلدهم لم يكن إلا دليلا على استعدادهم للدفاع عن سلامة وطنهم ووحدة ارضهم في كل مرحلة من مراحل التاريخ.
وقالت إن الذكرى السنوية الأليمة للغزو العراقي للكويت في فجر الثاني من أغسطس من العام 1990 الذي استهدف كيان وسيادة الكويت وحاول محوها من خارطة العالم وضمها الى العراق غير ان صمود الشعب الكويتي وتصدي الإرادة الدولية لكيد العدوان أرجع الحق الكويتي لإصحابه بعد احتلال دام قرابة 7 أشهر.
وأضافت أن الغزو الآثم ترك آثارا اجتماعية ونفسية كبيرة على الشعب الكويتي نتيجة للانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان والتي راح ضحيتها مئات من الشهداء والأسرى والمفقودين، إضافة إلى تدمير البنية التحتية للبلاد ونهب المؤسسات والمنشآت فنجم عنها خسائر مادية كبيرة إلى جانب إحراق آبار البترول التي تركت أثرا في البيئة البرية والجوية والبحرية.
وأوضحت ان المجتمع الدولي أدان تلك الجريمة الكبرى بحق الكويت وشعبها منذ الساعات الأولى للغزو الآثم إذ تصدى مجلس الأمن الدولي لهذا العدوان بقرارات حاسمة بدءا من القرار رقم 660 الذي أدان الغزو العراقي وطالب بسحب قواته فورا من دون قيد أو شرط الى المواقع التي كانت فيها في الاول من أغسطس، ثم توالت القرارات الدولية تباعا لتضييق الخناق على هذا النظام لعله ينصاع للإرادة الدولية.
تماسك الشعب الكويتي
إن محنة الغزو أبرزت مدى تماسك الشعب الكويتي وصموده ومقاومته للاحتلال والدفاع عن بلاده سواء من كان في داخل الكويت أو خارجها الى جانب التفافه حول حكومته وقيادته الشرعية، وهذا ما عكسه مؤتمر جدة الشعبي الذي عقد في المملكة العربية السعودية الشقيقة في أكتوبر من العام 1990، والذي أظهر صورة الكويت كدولة حضارية وديموقراطية ودستورية وكذلك تمسك شعبها بشرعية الحكم الذي اختاره منذ نشأته وارتضته الأجيال المتعاقبة ووقوفهم صفا واحدا خلف القيادة الشرعية للبلاد، فلا مساومة ولا تفاوض على سيادة الكويت واستقلالها وسلامة أراضيها وإن هذا التماسك والوحدة أثارا دهشة العالم بأسره.
وقالت إن المؤتمر كشف عن زيف وبطلان كل الادعاءات والمزاعم التي ساقها نظام صدام تبريرا لجريمته واحتلاله الكويت إذ أعلن المشاركون أنه برغم الآلام وجراح العدوان الآثم فإن الشعب الكويتي لا يضمر الشر للشعب العراقي الشقيق، ولا يحمل له الحقد لأنه شعب مغلوب على أمره ينتظر الخلاص من الطاغية.
كما شكل المؤتمر عددا من الوفود الشعبية الكويتية لتطوف مختلف دول العالم لشرح قضية الكويت العادلة.
عاصفة الصحراء لدحر الأكاذيب
وكان تعنت النظام العراقي وعدم استجابته لتلك الإرادة استوجبا تصدي المجتمع الدولي بكل حزم واقتدار له فكان لا بد من اتخاذ القرار الحاسم في دحر هذا العدوان الآثم، وانطلقت عملية عاصفة الصحراء التي قامت بها قوات التحالف الدولي في 17 يناير 1991 حتى تحررت الكويت في 26 فبراير من العام نفسه.
وقالت الأمير إنه من منطلق السعي للمحافظة على القيمة العظيمة للشهادة، وتقديرا للعمل البطولي للشهداء، وتتويجا للملحمة البطولية الرائعة لهذا الشعب، فقد أصدر سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد، طيب الله ثراه، مرسوما أميريا رقم 38 لسنة 1991، في التاسع عشر من يونيو 1991 والخاص، بإنشاء مكتب الشهيد واستكمل هذه الرعاية الكريمة عضيده ورفيق دربه صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الذي سعى لتحقيق الأهداف السامية والمتمثلة في تكريم سموه للشهداء، وتخليد بطولاتهم وتضحياتهم في الدفاع عن الوطن وكرامته، وكذلك الرعاية الكريمة لسموه لأسرهم وذويهم في مجالات الحياة كافة، تأكيدا على تقديره والمجتمع الكويتي لقيمة الشهادة ولم تقتصر الرعاية المتميزة على ذوي الشهيد من الكويتيين فقط، بل شملت كل من ضحى بحياته ودمه من أجل استقلال تراب هذا البلد.
«منهو بغلا الكويت»
وأشارت إلى ان يوم الشهداء الذي يحمل شعار هذا العام «منهو بغلا الكويت» يرمز إلى يوم الثاني من أغسطس الذكرى التاسع والعشرين للعدوان ويمثل أحد أسمى معاني الوحدة الوطنية في تاريخ الكويت ويرمز إلى رفض الشعب الكويتي للاحتلال والتمسك بشرعيته واستبساله في الدفاع عن وطنه.
وبينت أن مكتب الشهيد يبذل جهدا خاصا في ذكرى الثاني من أغسطس من كل عام لما لهذا اليوم من أهمية خاصة لدى الشعب الكويتي.
وقالت إن المكتب يقوم بإحياء هذه الذكرى لهذا العام تحت شعار «منهو بغلا الكويت» وإقامة فعاليات تحمل معاني الولاء الوطني وغرس مفهوم الشهادة، وذلك من خلال اقامة معرض خاص للشهداء في كل من مجمع الأفنيوز ومجمع 360 ومجمع الحمرا يحتوي على صور شهداء الكويت مصنفة حسب العام وسبب الاستشهاد ووصل عددهم حتى تاريخه إلى 1274 شهيدا، إضافة الى ركن مخصص للأطفال يحتوي على أنشطة متعددة ومسرح خاص للعرائس «عائلة شقردي» بالتعاون مع قرقاشة لتفعيل القيم الوطنية الهادفة والرسائل الإيجابية للأطفال، وذلك تخليدا للذكرى العطرة لشهدائنا الأبرار خلال الفترة من 1 حتى 3 الجاري.
يوم الشهداء
وأكدت الأمير ان مكتب الشهيد يستذكر بطولات وتضحيات شهداء الكويت من خلال إحياء ذكرى – يوم الثاني من أغسطس – أحد أسمى معاني الوطنية في تاريخ الكويت، ويرمز الى رفض الشعب الكويتي للغزو العراقي وتمسكه بشرعيته واستبساله في الدفاع عن وطنه. حتى تبقى تلك الذكرى خالدة بأذهان الجميع ولكي يعرف الجميع ان الشعب الكويتي وقف وقفة بطولية بوجه أعداء الكويت.
فلاشات وطنية
وأكدت الأمير أن مكتب الشهيد يطلق في يوم الشهداء فلاشات وطنية تعبر عن تعزيز مفهوم الشهادة وغرس مبادئ التضحية والفداء والتمسك بالأرض لدى النشء، ويتم تكثيف هذه الفلاشات بجميع الوسائل الإعلامية حتى تصل لأكبر عدد من المتابعين بالإضافة الى التغطيات الإعلامية واللقاءات التلفزيونية والإذاعية التي نتناول من خلالها هذا الحدث المهم والبطولي.
مشاريع خارجية
وقالت الأمير إننا نتذكر صدور المرسوم الأميري بإنشاء مكتب الشهيد في العام 1991، عقب تحرير البلاد من الاحتلال، ومسارعة أهل الخير من الكويتيين إلى التبرع لهذا المكتب تعبيرا عن دعمهم لهذا العمل الإنساني والوطني، وامتنانا لتضحية الشهداء، إلا ان الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد – طيب الله ثراه – أمر بأن تخصص تلك التبرعات للأعمال الخيرية خارج البلاد، وذلك تعميما لخير هذه الأرض الطيبة، ومشاركة للإخوة في البلاد العربية والإسلامية في مشاريعهم الخيرية، وتأكيدا على أن الكويت جزء لا يتجزأ من الأمتين العربية والإسلامية.
وأضافت انه مما يكرم الكويت انها استحدثت الهيئة الخيرية الاسلامية العالمية التي تشرف على اقامة مشاريع خيرية باسم الكويت في العديد من دول العالم، وقد كان لمكتب الشهيد شرف التعاون معها في اقامة عدد من المشاريع الخيرية في دول شقيقة وصديقة.
مرسوم 325
وتفضل صاحب السمو الأمير قائد الإنسانية الشيخ صباح الأحمد بإصدار المرسوم رقم 325 بتاريخ 25/8/2011 بتعديل بعض أحكام المرسوم 38/91 في شأن تكريم الشهداء، حيث حدد هذا المرسوم ان المقصود بالشهيد هو كل من فقد حياته في سبيل الدفاع عن سلامة الوطن وأمنه، أو بسبب الكوارث الطبيعية والحوادث الاستثنائية، ويشمل المرسوم فئات شهيد العمليات الحربية وهو كل عسكري او مدني مكلف رسميا، وفقد حياته بسبب العمليات أو بأعمال الأمن الداخلي أو الخارجي أو في أثناء الأسر أو بسببه، ويشمل ذلك: مشروعات التدريب بالذخيرة الحية، والإنزال الجوي للمظليين في أثناء التدريب، وغرق القطع البحرية، وحوادث الطائرات العسكرية، وزرع وإزالة الألغام وأعمال المتفجرات وشهيد الواجب وهو كل عسكري من الجيش او الشرطة او الحرس الوطني او الإطفاء فقد حياته بسبب أداء واجبات وظيفته ما لم يعد من الفئة السابقة، وشهيد الكوارث الطبيعية والحوادث الاستثنائية العامة هو كل من فقد حياته بسبب ما يقع من كوارث طبيعية او حوادث استثنائية عامة، اذا قرر مجلس الوزراء اعتبارها كذلك. كما حدد المرسوم الإجراءات التي ينبغي اتباعها لاعتماد الشهيد وصور تكريم الشهداء.
وتتجاوز رسالة مكتب الشهيد تخليد الشهداء ورعاية أسرهم وتقديم الخدمات الى تجسيد اللحمة الوطنية والعلاقة الإنسانية بين أبناء الشعب الكويتي وقيادته السياسية، وهي علاقة عميقة الجذور سطرها تاريخ الكويت قديما، وشهد بها الالتفاف حول الشرعية الكويتية في أثناء فترة العدوان الصدامي في أغسطس 1990 وشهدت بها روح المقاومة ضد المحتل وجنوده، فكانت شهادة وفاء من الشعب الكويتي لقيادته.
لم تقتصر الرعاية المميزة التي يقدمها مكتب الشهيد لذوي الشهداء من المواطنين الكويتيين، بل شملت كل من ضحى بروحه ودمه فداء للكويت ومن اجل استقلالها وحفاظا على قدسية ترابها، وقام مكتب الشهيد على رعاية ذوي شهداء 15 جنسية من الوافدين والمقيمين.
صروح الشهداء
وقالت الأمير إن مكتب الشهيد يفخر بأنه يعمل دائما من أجل تخليد شهداء الكويت الأبرار وتعزيز مفهوم الشهادة وإعلاء شأن المواطنة والفداء في إشارة إلى صروح للشهداء أقامها المكتب في محافظات البلاد الست وتحمل كل منها أسماء شهداء كل محافظة على حدة بالإضافة إلى المؤسسات والهيئات الحكومية.
رحلة المساعدات مع الأبناء والرعاية التربوية والسكنية
أكدت الأمير ان مكتب الشهيد قام بمعية مجموعة من أبناء الشهداء بزيارة لمدرسة النجاة الخيرية في منطقة يني شهير بالجمهورية التركية التي ترعى شؤون أبناء اللاجئين السوريين، حيث تم توزيع الهدايا والمساعدات عليهم.
وقالت الأمير إن مكتب الشهيد يهدف من خلال هذه المساعدات إلى غرس حب الخير ونشره والعمل به في نفوس أبناء الشهداء، مشيرة إلى أن عمل الخير جبل عليه أهل الكويت منذ زمن بعيد، وها نحن نجدده بمشاركة أبناء الشهداء الذين سارعوا دون توقف ولا تردد الى السفر لتقديم المساعدة لإخوانهم اللاجئين السوريين في تركيا.
وأضافت بدأنا منذ اللحظات الأولى بوضع جدول زمني من خلاله بدأت رحلة المساعدات مع أبناء الشهداء وذكرت أن الدور الذي يضطلع به المكتب في تقديم المساعدات الإنسانية يأتي تنفيذا لتوجيهات صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد في مد يد العون لكل الشعوب المحتاجة، لاسيما الشقيقة ولما جبل عليه الشعب الكويتي من طبيعة إنسانية في عمل الخير وتقديم الدعم والتبرعات للمحتاجين.
وبينت أن مكتب الشهيد حريص على تقديم هذه المساعدات الإنسانية والمواد الضرورية للمعيشة لإغاثة كل محتاج على وجه الأرض في أماكن تواجدهم والتعرف على أوضاعهم وظروفهم المعيشية وتذليل الصعوبات أمامهم، بالإضافة إلى زيارة دار محمد عبدالواحد الأيوب في مدينة اورفا التركية ومدرسة النجاة الخيرية كما كانت هناك جولة لمنطقة حران – قرية جملة، حيث تم توزيع مساعدات على١٠٠ أسرة سورية نازحة.
وأكدت فاطمة الأمير أن مكتب الشهيد ينظم حفل تكريم للفائقين من أبناء الشهداء في نهاية كل عام دراسي، حيث يقوم المكتب ممثلا بقسم الرعاية التربوية بعمل الترتيبات وإعداد الكشوف النهائية بأعداد الطلبة الفائقين في جميع المراحل الدراسية، استعدادا لتكريمهم من قبل المكتب بحفل خاص تحت رعاية وزير شؤون الديوان الأميري الشيخ على الجراح الصباح بعدما يتشرفون بمقابلة صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، والتي تعتبر من الزيارات التاريخية للأبناء، حيث يتلقون التهاني والتوجيهات من قبل سموه.
وأثنت الوكيل في الديوان الأميري مدير عام مكتب الشهيد فاطمة احمد الأمير على جهود وزيرة الإسكان د.جنان بوشهري في إتمام مساعي مكتب الشهيد بإقرار قانون يمنح أرملة الشهيد وثيقة تملك السكن، مشيرة إلى أن القوانين السابقة في الإسكان هي قوانين وضعية يمكن تغييرها وبجهود مكتب الشهيد ودعم الوزيرة د.جنان بوشهري أنجز مشروع القانون الذي يعطي أرملة الشهيد حق تملك وثيقة السكن.