صلاح العوفان لـ «الأنباء»: مكتب الشهيد صرح وطني يُخلّد ذكرى من جسّدوا أسمى مراتب التضحية وحب الوطن
المصدر: الأنباء
التاريخ: 25 فبراير 2021
المدير العام أكد أهمية الاحتفال بالأعياد الوطنية والالتزام هذا العام بقرارات التباعد
صلاح العوفان لـ «الأنباء»: مكتب الشهيد صرح وطني يُخلّد ذكرى من جسّدوا أسمى مراتب التضحية وحب الوطن
- تسمية الحدائق العامة بأسماء شهداء المناطق وجداريات على الجسور لتخليد ذكراهم
- 1290 شهيداً مسجلون في المكتب.. 996 منهم استشهدوا أثناء فترة الغزو العراقي
- 545 تم تسجيلهم كشهداء أسر وصل رفات 245 منهم وجارٍ البحث عن المفقودين
- 10 % من الشهداء المسجلين في المكتب من غير الكويتيين.. منهم 6 عراقيين
أجرت الحوار: دارين العلي
يقف مكتب تكريم الشهداء وأسرهم شاهدا على حقبة زمنية في تاريخ البلاد اختلطت فيها دماء الكويتيين بتراب الوطن ليزهر ربيعا تكلل بتحرير البلاد.
ويبقى المكتب من أبرز الصروح الوطنية التي كان لتأسيسها بعد تحرير البلاد وقع وطني وإنساني يصدح صداه في أكثر من بلد عربي وأجنبي ساهم أبناؤه في تحرير البلاد إلى جانب أبناء الكويت.
هذا المكتب، الذي تأسس عقب التحرير لتقديم الرعاية لأسر شهداء الغزو، بات اليوم يشمل برعايته جميع من ضحوا بأنفسهم لأجل هذا الوطن في مختلف الميادين.
مدير عام المكتب صلاح العوفان، وفي لقاء مع «الأنباء»، تحدث عن المكتب منذ تأسيسه مرورا بتحولاته، وصولا إلى استراتيجيته الجديدة حاملا لواء الإنسانية والمشاريع المميزة لتخليد ذكرى الشهداء، وفيما يلي التفاصيل:
بداية، كيف ينظر مكتب الشهيد إلى هذه الفترة من تاريخ البلاد التي شهدت انطلاقة المكتب؟
٭ يعتبر شهر فبراير من الأشهر المميزة للمكتب. ونحن نحتفل بهذه المناسبة لتخليد ذكرى شهدائنا، والمكتب يعود إنشاؤه إلى تاريخ التحرير، حيث أنشئ في يونيو عام 1991 في عهد المغفور له بإذن الله سمو الأمير الشيخ جابر الأحمد، حيث كانت بداية انطلاقته آنذاك، وكان الهدف منه احتواء أسر شهداء الغزو، ثم انضم إليهم الشهداء منذ استقلال الكويت وبعدها شهداء الواجب ما بعد الغزو.
ونحن نفتخر بأن لدينا كوكبة من الشهداء ضحوا بأرواحهم من أجل هذا الوطن، ليس فقط من الكويتيين بل هناك شهداء من جنسيات أخرى ضحوا بأنفسهم من أجل الكويت، وهذا دليل على تعلقهم بهذه الأرض التي يعاملون فيها معاملة الأبناء، وهذا غير مسبوق في كل دول العالم أن يكون هناك مكتب يرعى شؤون أسر شهداء لا يحملون جنسية الدولة وهذا فخر لنا.
شهداء الكويت
لو نستذكر قليلا أحداث ما بعد التحرير، كيف تم تأسيس المكتب؟
٭ بعد التحرير وعودة سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد، رحمه الله، الى أرض الوطن كان لديه هاجس رعاية أهالي وأسر الشهداء ممن فقدوا معيلهم أو آباءهم، وفكر أن يكون هناك مكتب لرعاية أسر الشهداء وكان عددهم وقتها بين 400 و500 شهيد من فترة الغزو، وكان المكتب مخصصا لهم ولكن بعد ان تم التأسيس وانشاء أول مجلس أمناء جاء في مرسوم التشكيل 38/91 ان يضم جميع شهداء الكويت، وان تتم تسمية الشهداء عن طريق المكتب فقط، وفي عهد المغفور له بإذنه تعالى سمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، أعيدت صياغة المرسوم 325/2011 وتم ادخال شهداء الكوارث الطبيعية والاستثنائية والعمليات الحربية وشهداء الواجب وكانت هذه الرؤية المستقبلية السامية لسمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، رحمه الله، وتتبعه للأحداث المحيطة بالدولة حيث كان لديه هاجس رعاية اسر هؤلاء الشهداء وبالفعل قد أفادنا هذا المرسوم في ادخال أسر تفجير مسجد الصادق، وكذلك في شهداء السيول التي طالت الكويت بالاضافة الى شهداء الواجب.
حب الوطن
ماذا تشكل لكم الاحتفالات بالأعياد الوطنية كمكتب شهيد وأسر شهداء؟
٭ المكتب يعتبر نفسه من رواد العمل الوطني لأنه يقدم الدعم لأسر كوكبة من الذين ضحوا بأنفسهم ليمثلوا أعلى مراتب حب الوطن، واحتفالنا مع أسر الشهداء بالأعياد الوطنية في كل عام يبرز الروح الوطنية، ولكن احتفالاتنا تختلف لهذا العام تفاعلا مع قرارات مجلس الوزراء الخاصة بالتباعد الاجتماعي بسبب جائحة فيروس «كورونا»، وبالتالي سيتم توزيع مجموعة كاملة من الأعلام والمجسمات التي ترمز الى التحرير على جميع اسر الشهداء تحت شعار «ارفع علمنا على كل بيت شهداؤنا فخر الكويت» برفع علم الكويت على بيوت أسر الشهداء، وسيتم الاحتفال داخل منازلهم وسنقوم ببث مقاطع من هذه الاحتفالات عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
برامج واحتياجات
ما الفارق في عمل المكتب منذ تأسيسه حتى الآن؟
٭ منذ سنة 1991 حتى يومنا هذا، هناك أمور كثيرة تغيرت وخصوصا في طبيعة العلاقة بين المكتب وأبناء الشهداء، فمثلا أصغر ابن للشهداء عمره اليوم 31 عاما، ما يعني انه على مر الاعوام تتغير طبيعة الاحتياجات والمتطلبات وتختلف باختلاف اعمارهم، واليوم بات ابناء الشهداء شركاء في المكتب وفي اتخاذ القرار، حيث يوجد ولأول مرة 3 أعضاء من أبناء الشهداء في مجلس أمناء المكتب، كما أن هناك اليوم اذرع للمكتب في مختلف جهات الدولة من ابناء الشهداء، اما الأمهات والآباء والزوجات فأيضا مع التقدم بالعمر اختلفت احتياجاتهم، وبالنسبة لنا نمشي بخط متواز مع الاسرة ونقوم بتعديل برامجنا وفق تغير احتياجات الأسرة ومتطلباتها.
الشهداء المسجلون
كم يبلغ عدد الشهداء المسجلين حاليا على كشوف المكتب؟
٭ حاليا هناك 1290 شهيدا مسجلين في المكتب، 996 منهم من استشهدوا اثناء فترة الغزو او تمت استعادة رفاتهم او ما زالت رفاتهم مفقودة، فهناك تقريبا 545 منهم تم تسجيلهم كشهداء أسر وصلت رفات 245 منهم، وهناك تقريبا 60 حالة ما زالت مسجلة في عداد الأسرى والمفقودين لدى وزارة الخارجية. لم يتم تحويلها الى المكتب، ويمثل غير الكويتيين نسبة 10% من أعداد الشهداء المسجلين ويتوزعون على 16 جنسية، فالكويت بلد الخير وبلد السلام ونحن كمكتب الشهيد نمد ايدينا لأسر الشهداء جميعا، وهناك اسر لشهداء عراقيين سقطوا على ارض الوطن دفاعا عن الكويت وعددهم 6 شهداء، ونحن عندما قلنا شهداؤنا لم نقل الشهداء الكويتيين وحتى من غادر من اسر الشهداء البلاد لا تزال تقديمات المكتب تصلهم الى بلدهم، فمن يدافع عن دولة الكويت له مكانة كبيرة لدينا.
أسرى ومفقودون
هل هناك لوائح جديدة لاستعادة رفات الشهداء؟
٭ نعمل دائما بالتنسيق مع اللجنة الوطنية للأسرى والمفقودين والادلة الجنائية، حيث يتم فحص الرفات بشكل دقيق وهذا يستغرق وقتا ودقة، فأحيانا لا تكون لأسرى كويتيين، وهذا الامر يستوجب الدقة الشديدة واجراء التحاليل وقد كانت هناك دفعة في نوفمبر من 20 رفات تم تسلمها على دفعتين، والرفات تصل في حال تتم مطابقة العينات.
ما استراتيجية المكتب وخططه خلال هذه المرحلة؟
٭ طبعا، لدينا استراتيجية واضحة خلال هذه المرحلة تم إعدادها منذ عامين وهي الريادة في العمل الانساني، فنحن نطمح لأن يكون ابناء الشهداء من رواد العمل الانساني في الكويت وخارجها، وقد زرنا اماكن كثيرة في اندونيسيا وتركيا، وكان الابناء يقومون بالمبادرات بأنفسهم، ونحن نطمح لأن يحمل أبناء الشهداء راية العمل الانساني والخيري في الكويت، فعندما كنا نحن بحاجة للمساعدة مدت الكثير من دول العالم أيديها لمساعدتنا، ونحن بدورنا نمد ايدينا لمساعدة كل دول العالم وشعوبها لتستمر وتبقى الكويت بلد الإنسانية والعطاء.
تخليد الشهداء
وماذا عن مسألة تخليد ذكرى الشهداء، ما خططكم في هذا الشأن؟
٭ الخط الآخر من الاستراتيجية هو «التخليد» وطرق التخليد تختلف حاليا في التعامل مع الجيل الجديد الذي لا يتقبل الطرق التقليدية في عصر «السوشيال ميديا»، وبالتالي علينا ان نجاري الجيل الشاب، حيث نستهدف الوصول إلى أكبر شريحة ممكنة منهم لتخليد ذكرى شهدائنا وبالشكل الذي يليق بهم وبتضحياتهم.
تحدثتم عن مشاريع للتخليد بجداريات على الجسور، أين اصبح هذا المشروع؟
٭ نعم، هناك برامج أخرى ومشاريع جديدة للتخليد وهي عبارة عن جداريات على امتداد عدد من الجسور الموجودة على الطرق السريعة في البلاد لتخليد اسماء الشهداء، ونعمل عليها بعد موافقة وزارة الأشغال مع شركة الصناعات الوطنية لتنفيذها باستخدام مواد غير قابلة للتلف، والدفعة الأولى ستكون على جسر في كل محافظة، ونحن حاليا في مرحلة توقيع العقود، ومن الممكن ان نبدأ بالتنفيذ في نهاية الشهر الجاري.
أسماء الحدائق
وماذا عن إطلاق أسماء الشهداء على الحدائق العامة؟
٭ نعمل على هذا المشروع، وتم الاتفاق مبدئيا مع الهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية لتسمية الحدائق العامة في المناطق بأسماء شهداء تلك المناطق ما عدا الحدائق المسماة بأسماء مسبقا، كذلك سيتم توزيع جداريات في الحدائق تتحدث عن كل شهيد في المنطقة وقصة استشهاده وتضحياته باللغتين العربية والانجليزية، ونعمل حاليا على إرسال كتب بهذا الامر الى المجلس البلدي، وسنبدأ بمباشرة العمل فور ورود الموافقة على هذا الأمر لما فيه من أهمية بتخليد أسماء شهدائنا وتعريف الأجيال بتضحياتهم الكبيرة في سبيل كويتنا الغالية.